إلى الطب، إذ ما من واقعة في الكون في أحد من الخلق إلا وهي مفتقرة إلى الفقه، لأن به انتظام صلاح أحوال الدنيا والدين، بخلاف الطب فإنه يحتاج إليه بعض الناس في بعض الأوقات. إذا عرف ذلك فصناعة التفسير قد حازت الشرف من الجهات الثلاث. أما من جهة الموضوع فلأن موضوعه كلام الله تعالى الذي هو ينبوع كل حكمة ومعدن كل فضيلة، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، لا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه. وأما من جهة الغرض فلأن الغرض منه هو الاعتصام بالعروة الوثقى والوصول إلى السعادة الحقيقية التي لا تفنى. وأما من جهة شدة الحاجة فلأن كل كمال ديني أو دنيوي عاجلي أو آجلي مفتقر إلى العلوم الشرعية والمعارف الدينية، وهي متوقفة على العلم بكتاب الله تعالى. اهـ.
- زعم قوم أن القرآن من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى تفسير ثم بدؤوا يفسرون القرآن من عند أنفسهم فضلوا وأضلوا، ويكفي لبطلان هذا القول أن نقرأ قوله تعالى: {} (?). وقوله تعالى بمناسبة الكلام عن المتشابه: {} (?). وقوله تعالى في معرض المنة على هذه الأمة: {} (?) فهاهنا ذُكِرَتْ تلاوة وذُكِرَ تعليم، وقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {} (?) فالحاجة إلأى علم التفسير قائمة، ولذلك فقد أكدنا في كثير من كتبنا على ضرورة الحلقات القرآنية تلاوة وحفظاً وتفسيراً، وقد عق دالسيوطي فصلاً لتبيان وجه الحاجة إلى علم التفسير فقال:
وأما وجه الحاجة إليه فقال بعضهم: اعلم أن من المعلوم أن الله إنما خاطب خلقه بما يفهمونه، ولذلك أرسل كل رسول بلسان قومه أنزل كتابه على لغتهم. وإنما احتيج إلى التفسير [لأن] القرآن إنما نزل بلسان عربي في زمن أفصح العرب، وكانوا يعلمون ظواهره