بن جبير: أن قول ابن عباس: إنه الخير الكثير، لا يخالف قول غيره: إن المراد به نهر في الجنة، لأن النهر فرد من أفراد الخير الكثير، ولعل سعيداً أومأ إلى أن تأويل ابن عباس أولى، لعمومه، لكن ثبت تخصيصه بالنهر، من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، فلا معدل عنه.
2930 - * روى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كان عمر يُدخلني مع أشياخ بدرٍ، فكأن بعضهم وجد في نفسه، فقال: لم تُدخل هذا معنا، ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر إنه من علمتم، فدعاه ذات يومٍ، فأدخله معهم، قال، فما رُئيتُ أنه دعاني يوماً، إلا ليريهم، قال: ما تقولون في قول الله عز وجل: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} إلى آخر السورة فقال بعضهم: أُمرنا بأن نحمد الله ونستغفره، إذا نُصرنا وفُتح علينا، وسكت بعضهم، فلم يقل شيئاً، فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ قلت لا، قال: فما تقول؟ قلت: هو أجلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له، فقال: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فذلك علامة أجلِكَ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} فقال عمر: ما أعلمُ منها إلا ما تقولُ.
وفي رواية (?): أن عمر كان يُدني ابن عباس، فقال له عبد الرحمن بن عوفٍ: إن لنا أبناء مثله، فقال عمر: إنه من حيث تعلم، فسأل عمر ابن عباس عن هذه الآية؟ قال: أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعلمَهُ إياه، قال: ما أعلم منها إلا ما تعلمُ.
وفي أخرى (?): أن عمر سألهم عن قوله: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قالوا: فتح المدائن والقصور، قال: يا ابن عباس، ما قتول؟ قال: أجلٌ أو مثلٌ ضُربَ لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، نُعيتْ إليه نفسيه.
قوله "فما رئيت" على صيغة المجهول، بضم الراء وكسر الهمزة. وفي غزوة الفتح في رواية المستملي "أُريته" بتقديم الهمزة والمعنى واحد. وقوله "إلا ليُريهم" بضم الياء من الإراءة.