ونقل ابن الجوزي في زاد المسير 4/ 446، عن أبي سليمان الدمشقي: أنه ليس للنسخ هاهنا مدخل، لإمكان العمل بالآيتين، وذلك أنه إنما عاب على المنافقين أن يستأذنوه في القعود عن الجهاد من غير عذر، وأجاز للمؤمنين الاستئذان لما يعرض لهم من حاجة، وكان المنافقون إذا كانوا معه، فعرضت لهم حاجة ذهبوا من غير استئذان.

أقول: هناك اتجاه عند المفسرين أن الجهاد لا يحتاج إلى استئذان بل يسارع المسلم إليه بلا استئذان فضلاً عن أن يستأذن في تركه، فعلى هذا الاتجاه يُفهم قول ابن عباس أن آية سورة النور قد نسخت آية التوبة من حيث إن المسلم عليه أن يستأذن وحتى على الاتجاه الآخر في أن آية التوبة تتحدث عن منع الاستئذان في ترك الجهاد، فآية التوبة تجيز الاستئذان، لكن الاستئذان لترك الجهاد حين يكون فريضة عين إنما يكون لمعذور، فحتى المعذور يحتاج إلى إذن في ترك الجهاد لأنه قد يؤدي دوراً ما يناسب عذره.

2686 - * روى البخاري عن أبي مسعود البدري [عُقبة بن عمرو] (رضي الله عنه) قال: لما نزلت آيةُ الصدقة، كُنَّا نُحامِلُ على ظهورنا، فجاء رجلٌ فتصدق بشيءٍ كثيرٍ، فقالوا [أي المنافقون]: مُراءٍ، وجاء رجل فتصدق بصاعٍ، فقالوا: إن الله لغنيٌّ عن صاع هذا، فنزلت {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (?).

وفي رواية (?): كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى السُّوق، فيُحامل، فيصيب المُدَّ، وإن لبعضهم اليوم لمائة ألفٍ.

زاد في رواية (?): كأنه يُعَرِّضُ بنفسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015