رجل خص منها شيئا دون شيء فالصواب من القول في ذلك أن يقال إن الله نهى عن الإلقاء بأيدينا لما فيه هلاكنا والاستسلام للهلكة وهي العذاب بترك ما لزمنا من فرائضه فغير جائز لأحد منا الدخول في شيء يكرهه الله منا مما نستوجب بدخولنا فيه عذابه غير أن الأمر وإن كان كذلك فإن الأغلب من تأويل الآية وأنفقوا أيها المؤمنون في سبيل الله ولا تتركوا النفقة فيها فتهلكوا باستحقاقكم بترككم ذلك عذابي.
2521 - * روى الشيخان عن عبد الله بن معقل رضي الله عنهما قال: "قعدْتُ إلى كعب بن عُجرة في هذا المسجد- يعني مسجد الكوفة - فسألته عن فدية من صيامٍ؟ فقال: حُملتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمْلُ يتناثرُ على وجهي، فقال: فقال: "ما كنتُ أُرى أنَّ الجهد بلغ بك هذا؟ أما تجدُ شاةً؟ " قلت: لا، قال: "صُمْ ثلاثة أيامٍ، واحلق رأسك"، فنزلت في خاصةً، وهي لكم عامة".
أقول: هذا النص يشير إلى قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}. فكعب بن عجرة يذكر أن به نزل هذا النص ولكنه عام، فخصوص السبب لا ينفي عموم اللفظ، وأقل النسك ذبح شاة، والصيام ثلاثة أيام، والصدقة: ثلاثة أصوُع من طعام على ستة مساكين.
2522 - * روى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كان أهلُ اليمن يحجُّون، فلا يتزَوَّدُون، ويقولون: نحن المتوكِّلون، فإذا قَدِمُا مكة سألوا الناس، فأنزل الله عز وجل: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (?).