الروم، حتى دخل فيهم، فصاح الناسُ، وقالوا: سُبحان الله! يُلقِي بيديه إلى التهلكة؟! فقام أبو أيُّوبٍ الأنصاريُّ، فقال: يا أيها الناس إنكم لتؤوِّلون هذه الآية هذا التأويل، وإنما نزلتْ هذه الآية فينا معشر الأنصار: لما أعز الله الإسلام، وكثُر ناصروه، فقال بعضنا لبعض سراً - دون رسول الله صلى الله عليه وسلم-: إن أموالنا قد ضاعتْ، وإن الله قد أعز الإسلام، وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا، فأصْلَحْنا ما ضاع منها، فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه، يردُّ علينا ما قلنا: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} وكانت التهلكة: الإقامة على الأموال وإصلاحها، وتركنا الغزو، فما زال أبو أيوبٍ شاخصاً في سبيل الله، حتى دُفِنَ بأرض الروم.

وفي رواية صحيحة (?) عند أبي داود قال: "غزونا من المدينة، نريد القسطنطينية وعلى الجماعة عبْدُ الرحمن بن خالد بن الوليد، والروم مُلْصقُوا ظهورهم بحائط المدينة، فحمل رجل على العدو، فقال الناس، مه مه، لا إله إلا الله يُلْقي بيديه إلى التهلكة! فقال أبو أيوبٍ: إنما أُنزِلتْ هذه الآية فينا معشر الأنصار لما نصر الله نبيهُ، وأظهر الإسلام، قلنا: هلُمَّ نُقيمُ في أموالنا ونُصْلِحُها، فأنزل الله عز وجل {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة: أنْ نقيم في أموالنا ونُصْلِحها، وندع الجهاد، قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوبٍ يُجاهِدُ في سبيل الله حتى دُفن بالقسطنطينية".

فائدة: عبد الرحمن بن خالد بن الوليد توفي سنة 46 للهجرة وهذا يعني أن هذه الغزوة غير الغزوة المشهورة سنة 52 التي توفي فيها أبو أيوب وكان على رأسها يزيد بن معاوية، أفاده العلامة أحمد شاكر ذكر ذلك محقق جامع الأصول -2/ 32.

2519 - * روى الطبراني في الكبير والأوسط عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015