أقول: دل هذا النص وأمثاله على أن من أدب المسلم أن يكون له أنس في القرآن وإيناس، وإنْ من لم يصل به هذا الأنس إلى درجة التغني في القرآن، فإنه لم يصل إلى حقيقة الإيمان الذي يجعله من هذه الأمة، وفي النص تهديد ووعيد شديدان، فحيثما ورد قوله عليه الصلاة والسلام: (ليس منا) فذلك شيء مخيف، ولهذا فإننا نعتبر من الموازين التي على أساسها يختار الإنسان بطانته، من لم يقع في مثل هذا التهديد والوعيد فالله عز وجل يقول: {لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} (?) فإن ممن يدخل في هذا النص ضمناً كل من وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه ليس منا، فليتكلف المسلم أن يكون له تغنٍ في القرآن في تلاوة مجردة أو في قراءة في صلاة ولا يتحرج من ذلك ولا يخجل منه فإن ذلك حرج أو خجل في غير محله.

2374 - * روى أبو داود عن عبد الله بن أبي يزيد (رحمه الله) قال: مَرَّ بنا أبو لُبابة فاتبعناهُ، حتى دخل بيتهُ، فدخلنا عليه، فإذا رجلٌ رثُّ الهيئة، فسمعتُه يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن"، قال: فقلت لابن أبي مُليكة: يا أبا محمدٍ، أرأيت إذا لم يكنْ حسن الصوتِ؟ قال: يُحسِّنُه ما استطاع.

- الجمع بين حسن التلاوة وحسن الفهم والإخلاص فيهما:

2375 - * روى الطبراني في الأوسط عن ابن عمر قال: "لقد عشتُ برهةً من دهري وإن أحدنا يُؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزلُ السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلَّمُ حلالها وحرامَها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015