حق خالص وعدل لا مثيل له، يظهر هذا العدل في التشريع، ويظهر في ما أعده الله لأهل التكليف من جزاء وعقاب، وإن وصف الجزاء والعقاب لكافٍ أن يدلك على انه يستحيل أن يكون بشري المصدر.
- ثانياً: ومما اعتدناه في أساليب البشر، أنك لا تجد في خطابهم ما يصمد على الزمان والمكان فكثيراً ما ينتقض كلام الإنسان بمرور الأيام، أما هذا القرآن فقد وسع أسلوبه الزمان والمكان فلا ينقضه شيء، بل كلما جاء زمان تفتح لأصحاب هذا الزمان من دقائق المعاني ما يسع زمانه، وذلك وحده معجز.
- ثالثاً: ما من كتاب بشري إلا وللتناقض في محل إن في درجة الارتقاء بين كلام وكلام أو بيان وبيان أو معنى ومعنى أما أسلوب هذا القرآن فإنه يجري على نسق واحد.
- رابعاً: وأسلوب هذا القرآن أسلوب متميز عن أساليب البشر، فهو لا يشبه شعراً ولا نثراً ولا طريقة من طرائق البيان المعتادة لدى البشر.
- خامساً: ومن خواص أسلوب القرآن مسحته اللفظية التي تتجلى في نظامه الصوتي وجماله اللغوي فإنك تجد فيه اتساقاً وائتلافاً في الحركات والسكنات والمدات والغنات والاتصالات والسكتات وتناسق الحروف مع بعضها والكلمات فيما بينها وتناسق الجرس في الآية والسورة بحيث تجد توقيعاً تتلقاه الآذان في كل مقطع من سورة وفي كل سورة بما ليس معهوداً في كلام البشر وقد أحست العرب بهذه الحقيقة منذ سمعت هذا القرآن، فإذا ما أضيفت إلى ذلك ملاءمة الجرس القرآني للموضوع الذي يتكلم به تجد شيئاً لا نظير له وأدركت ان أسلوب القرآن لا يمكن أن يكون بشري المصدر.
- سادساً: شعور قارئه بقربه من فهمه فالعامي يستشعر أنه يفهمه، وكلما ارتقى الإنسان في مراتب الاختصاص والفهم تفتح له من الفهم ما يناسب قدراته وفيه لصحاب الاختصاصات مزيد فإذا عرفت أنه قد عرض لكل الموضوعات بأسلوب واحد وعلى غاية من البيان عرفت أن ذلك فوق الطاقة البشرية فإذا ما أصفت إلى ما سبق أن الأسلوب القرآني يخاطب الكينونة البشرية عقلاً وقلباً ويخاطب الكيان البشري كله خطاباً يجمع بين الحق