لقد أنهينا عرض ما تيسر عرضه من نصوص الصلاة ومن فقهها، وقد مر معنا من قبل بمناسبة الكلام عن السيرة والعقائد كلام عن الصلاة، وستمر معنا مناسبات أخرى ستذكر الصلاة في سياق نصوص تتحدث عن الصلاة وغيرها بآن واحد، ولا غرو أن أخذت الصلاة هذا الحجم الكبير، فإنها أهم ما بعث به الرسل عليهم الصلاة والسلام بعد العقيدة، وإذا كانت الصلاة عبادة بدنية وكان الهدف منها إقامة الشكر لله تعالى بأفعالها وأذكارها وكل ذلك ذكر لله تعالى، وإذا كانت قراءة القرآن فيها ركناً من أركانها فقد اخترنا أن يكون الجزءان اللاحقان في تلاوة القرآن وبعض المأثور في تفسيره، وفي الأذكار والدعوات لأن هذين الجزءين مكملان في الحقيقة للحكمة التي من أجلها شرعت الصلاة، وقد جعلنا هذه الخاتمة بمثابة الإشارة الأخيرة للصلاة وبمثابة الجسر الذي يوصل للحديث عن الجزءين اللاحقين من هذا القسم.
القرآن ذكر بنص القرآن
قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (?). لاحظ في الآية كلمة {الذِّكْرُ} وكلمة {لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}.
وإذ كانت الحكمة في فرض الصلاة الذكر قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (?) وإذ كان القرآن ذكراً فقد جعلنا تلاوة القرآن بعد جزء الصلاة لأنها امتداد لعبادة الصلاة، كيف وقراءة القرآن ركن من أركان الصلاة تذكر قوله تعالى في الآية المتقدمة {وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} فإنك تدرك من خلالها أن القرآن مثير للفكر وباعث له ومهيج عليه، فإذا كان في الوقت نفسه ذكراً، عرفنا أهمية القرآن في العبادة.
فالذكر والتفكر هما اللذان يوصلان الإنسان إلى التذكر بالحقائق المجبولة عليها ذاته وفي مقام العبودية لله ومقتضياه، وإنما يفعل القرآن ذلك كله إذا اجتمع مع