والمنقول أن سبب إتمام عثمان أنه كان يرى القصر مختصاً بمن كان شاخصاً سائراً، وأما من أقام في مكان أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم، والحجة فيه ما رواه أحمد (4/ 94) بإسناد حسن، عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: لما قدم علينا معاوية حاجاً صلى بنا الظهر ركعتين بمكة، ثم انصرف إلى دار الندوة، فدخل عليه مروان وعمرو بن عثمان، فقالا: لقد عبت أمر ابن عمك، لأنه كان قد أتم الصلاة، قال وكان عثمان حين أتم الصلاة إذا قدم مكة صلى بها الظهر والعصر والعشاء أربعاً أربعاً، فإذا خرج إلى منى وعرفة قصر الصلاة.
فإذا فرغ من الحج وأقام بمنى أتم الصلاة.
وقال ابن بطال: الوجه الصحيح في ذلك أن عثمان وعائشة كانا يريان أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصر لأنه أخذ بالأيسر من ذلك على أمته فأخذا لأنفسهما بالشدة.
2112 - * روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "صلى بنا النبي بمنى ركعتين، وأبو بكر بعده، وعمر بعد أبي بكر، وعثمان صدراً من خلافته، ثم ن عثمان صلى بعد أربعاً، فكان ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلى أربعاً، وإذا صلاها وحده صلى ركعتين". وأخرجه مسلم (?) من طريق أخرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنه صلى صلاة المسافر بمنى وغيره ركعتين، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، ركعتين صدراً من خلافته، ثم أتمها أربعاً" وأخرجه البخاري (?) نحوه، ولم يقل "وغيره" وفي رواية النسائي (?) مختصراً قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين".
قال التهانوي (7/ 251): ودلالته على وجوب القصر لما فيه من مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم وأكابر الصحابة عليه في السفر دائماً، وهي تكفي لإثبات الوجوب عند صاحب الهداية ومن وافقه، وأما من لم يكتف بها فله الأحاديث الآتية المشتملة على الإنكار على الإتمام.