الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم في رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امراً من الأنصار، ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار. اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار" قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا: رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم قسماً وحظاً، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقنا.
وفي رواية (?) عن أبي سعيد أيضاً قال: قال رجل من الأنصار لأصحابه: أما والله لقد كنت أحدثكم أنه لو قد استقامت الأمور قد آثر عليكم، قال: فردوا عليه رداً عنيفاً، قال: فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجاءهم فقال لهم أشياء لا أحفظها، قالوا: بلى يا رسول الله قال: "فكنتم لا تركبون الخيل". قال: فكلما قال لهم شيئاً قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فلما رآهم لا يردون عليه شيئاً. قلت: فذكر نحوه وقال في آخره: "الأنصار كرشي وأهل بيتي وعيبتي التي أويت إليها فاعفوا عن مسيئهم واقبلوا من محسنهم". قال أبو سعيد: قلت لمعاوية: أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أننا سنرى بعده أثرة، قال معاوية: فما أمركم؟ قلت: أمرنا أن نصبر. قال: فاصبروا إذاً.
أقول: تعليقاً على قول سعبد بن عبادة:
(ما أنا إلا امرؤ من قومي): إن على القادة الذين يسوسون الشعوب والأقوام أن يعرفوا نفسيات هذه الشعوب وهذه الأقوام وأن يسوسوها على ضوء هذه المعرفة فأحياناً يكون لكل قوم أو شعب أو قرية أو بلد خصيصة تجعلهم في بعض الحالات يقفون موقفاً موحداً أمام قضية ما، فلابد من ملاحظة ذلك قبل وقوعه وحسن معالجته بعد وقوعه فإذا كان مثل سعد بن عبادة يقول: (ما أنا إلا امرؤ من قومي) فما بال من دونه، وفي كلمة سعد - إذ يعلن اتحاد موقفه مع موقف قومه في قضية يرى قومه فيها يقولون ما يعتقد