ما فيه، وكون مجمع الزوائد أدخله فلم يذكر زوائده، لم يحسن مني أن أضيف كله إلى الجامع أو زوائده إلى المجمع لأن ذلك كجبر لأحدهما على خلاف مراده، فلهذا أفردت زوائده وعزوتها إليه، ولما كان اختلاف القوم في سادس الستة أهو ابن ماجه أو الموطأ أو مسند الدارمي؟ راعيت هذا الخلاف، فأضفت لذلك أيضاً زوائد الدارمي مفردة، إلا أن يتفق مع ابن ماجه فأجمعهما، وتكلمت على رجالهما تجريحاً وتعديلاً بما في الكاشف للذهبي وتهذيب التهذيب والتقريب للحافظ ابن حجر وغيرها، ورتبته على ترتيب أصوله لكونه مألف طبعي دون ترتيب الجامع، وأينما عثرت على حديث مكرر عندهم في أبواب أثبته في أليق تلك الأبواب به وحذفته في غيرها، إلا لفائدة أو غفلة مني كما فعل مسلم - رحمه الله - وأينما ورد في حكم أو معنى حديثان فأكثر أو روايتا حديث فأكثر، فإني أقتصر فيه على ما هو أكثر فائدة من تلك الأحاديث أو الروايات، وأحذف غيره إلا إن اشتمل على زيادة، فإني أخلص منه تلك الزيادة، أو أذكر كله، والحديث الذي تعدد من أخرجه أذكره بلفظ أحدهم وسياقه ثم تارة أذكر من له اللفظ وتارة لا أذكره.
أقول: وقد جعلت كتاب محمد بن محمد بن سليمان أنيساً لي، ودليلاً في عملي، فقد اجتمع فيه ما تفرق في غيره، بل وجدت فيه الكثير مما يحقق مقاصد كتابنا هذا، ولولا أني أستهدف أكثر مما استهدف، وأريد أكثر مما أراد لاكتفيت بخدمة كتابه، ولكن حاجة عصرنا أوسع، فتطلعت إلى التأليف المستقل فكان هذا الكتاب، الذي أرجو أن يكون قد انصبت فيه كل هذه الجهود التي خدمت السنة النبوية، كما أرجو أن أكون قد وفقت لاستخلاص جناها وعبيرها، ورصف جواهرها، وإحكام البناء والزخرفة من لبنات ذهبها. وها نحن أولاء نسلمك للقسم الأول من هذا الكتاب.
* * *