والتساهل في القدر المملى قليل جداً بالنسبة إلأى ما بعده. وقد قال الحازمي: ابن حبان أمكن في الحديث من الحاكم. وقال العماد ابن كثير: قد التزم ابن خزيمة وابن حبان الصحة وهما خير من المستدرك بكثير وأنظف أسانيد ومتوناً، وقال غيرهما: صحيح ابن خزيمة أعلى مزية من صحيح ابن حبان وصحيح ابن حبان أعلى من الحاكم، وهو مقارب للحاكم في التساهل، لأنه غير متقيد بالمعدِّلين، بل ربما يخرج للمجهولين لا سيما ومذهبه إدراج الحسن في الصحيح، ولكن هذا كله اصطلاح له ولا مُشاحة فيه، على أن في صحيح ابن خزيمة أيضاً أحاديث محكوم منه بصحتها وهي لا ترتقي عن درجة الحسن، بل وفيما صححه الترمذي من ذلك أيضاً جملة من أنه يفرق بين الصحيح والحسن وحينئذ فلابد من النظر في أحاديث كل ليحكم على كل واحد منه بما يليق به. والله أعلم.
وفي تدريب الراوي:
واعتنى الحافظ أبو عبد الله الحاكم في المستدرك بضبط الزوائد عليهما، مما هو على شرطهما أو على شرط أحدهما، أو صحيح مصحح وإن لم يوجد شرط أحدهما، وربما أورد فيه ما لم يصح عنده منبهاً على ذلك وهو متساهل في التصحيح. وقد لخص الذهبي مستدركه وتعقب كثيراً منه بالضعف والنكارة، وجمع جزءاً في الأحاديث التي فيه وهي موضوعة فذكر نحو مئة حديث. فما صححه الحاكم ولم نجد فيه لغيره من المعتمدين تصحيحاً ولا تضعيفاً، حكمنا بأنه حسن، إلا أن يظهر فيه علة توجب ضعفه، أهـ ملخصاً.
وقد أغنانا عن ذلك الذهبي، فما أقره عليه فهو صحيح، وما سكت عنه ولم يتعقبه بشيء فهو كما قال ابن الصالح: حسن. وقد رأيت العزيزي في (شرحه للجامع الصغير) يحتج كثيراً بتقرير الذهبي للحاكم على التصحيح، فليعلم ذلك. والله أعلم. أهـ.
وقد علق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة على قول صاحب تدريب الراوي: (فما صححه الحاكم ولم تجد فيه لغيره من المعتمدين ..) بقوله:
هذا كلام ابن الصلاح في (مقدمته) ووافقه النووي في (التقريب) وقد انتقده السيوطي في (التدريب) ص 53 فقال عقبه: اله البدر بن جماعة: والصواب أنه يتتبع