وعند مسلم (?)، قال أنس: عمي الذي سميت به: لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً قال: فشق عليه، قال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غيبت عنه وإن أراني الله مشهداً فيما بعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراني الله ما أصنع، قال: فهاب أن يقول غيرها، قال: فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، قال: فاستقبل سعد بن معاذ، فقال له أنس: يا أبا عمرو: أين؟ فقال: واهاً لريح الجنة، أجده دون أحد، قال: فقاتلهم حتى قتل، قال: فوجد في جسده بضع وثمانون، من بين ضربة ورمية وطعنة، ثم ذكر نحو ما تقدم.
قال في الفتح: قوله: (إني أجد ريح الجنة دون أحد) يحتمل أن يكون ذلك على الحقيقة بأن يكون شم رائحة طيبة زائدة عما يعهد فعرف أنها ريح الجنة، ويحتمل أن يكون أطلق ذلك باعتبار ما عنده من اليقين حتى كأن الغائب عنه صار محسوساً عنده، والمعنى أن الموضع الذي أقاتل فيه يئول بصاحبه إلى الجنة.
قوله: (فمضى فقتل) في رواية عبد الأعلى (قال سعد بن معاذ: فما استطعت يا رسول الله ما صنع). قلت: وهذا يشعر بأن أنس بن مالك إنما سمع هذا الحديث من سعد بن معاذ لأنه لم يحضر قتل أنس بن النضر، ودل ذلك على شجاعة مفرطة في أنس بن النضر بحيث أن سعد بن معاذ مع ثباته يوم أحد وكمال شجاعته ما جسر على ما صنع أنس بن النضر. اهـ.
- وفي الحديث جواز الأخذ بالشدة في الجهاد، وبذل المرء نفسه في طلب الشهادة، والوفاء بالعهد.
381 - * روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش، فلما رهقوه قال: "من يردهم عنا وله