الله فيها من قتل من صناديد قريش، وقفل رسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه منصورين غانمين معهم أساراهم. قال "عبد الله بن أبي" ومن معه من المشركين عبدة الأوثان هذا أمر قد توجه (أي استقر فلا مطمع في إزالته) فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأسلموا ..
على أن هذا الخداع لاذ به فريق من الكفار في الوقت الذي عالن فيه فريق آخر من اليهود بسخطهم على محمد، وألمهم للهزيمة التي أصابت قريشاً في "بدر" بل إن كعب بن الأشرف - من رجالات اليهود - أرسل القصائد في رثاء قتلاهم والمطالبة بثأرهم.!
ولقد اتسعت شقة العداوة بين المسلمين واليهود إثر هذا الموقف النابي.
ثم حاول اليهود أن يحقروا من شأن النصر الذي حظي به الإسلام، مما مهد للأحداث العنيفة التي وقعت بعد، ودفع اليهود ثمنها من دمهم، أفراداً وجماعات.
وعلق الدكتور السباعي على غزوة بدر فقال رحمه الله: إن النصر في المعارك لا يكون فقط بكثرة العدد، ووفرة السلاح، وإنما يكون بقوة الروح المعنوية لدى الجيش. وقد كان الجيش الإسلامي في هذه المعارك يمثل العقيدة النقية والإيمان المتقد، والفرح بالاستشهاد، والرغبة في ثواب الله وجنته، كما يمثل الفرحة من الانعتاق من الضلال، والفرقة، والفساد، بينما كان جيش المشركين يمثل فساد العقيدة، وتفسخ الأخلاق، وتفكك الروابط الاجتماعية، والانغماس في الملذات، والعصبية العمياء للتقاليد البالية، والآباء الماضين، والآلهة المزيفة.
انظر إلى ما كان يفعله الجيشان قبل بدء القتال، فقد حرص المشركون قبل بدء معركة بدر على أن يقيموا ثلاثة أيام، يشربون فيها الخمور، وتغني لهم القيان، وتضرب لهم الدفوف، وتشعل عندهم النيران لتسمع العرب بما فعلوا فتهابهم، وكانوا يظنون ذلك سبيلاً إلى النصر، بينما كان المسلمون قبل بدء المعركة يتجهون إلى الله بقلوبهم، يسألنه النصر، ويرجونه الشهادة، ويشمون روائح الجنة، ويخر الرسول صلى الله عليه وسلم ساجداً مبتهلاً يسأل الله أن ينصر عباده المؤمنين، وكانت النتيجة أن انتصر الأتقياء الخاشعون، وانزم اللاهون العابثون.