شهد الله عز وجل للأنصار بالإيثار وحب الأضياف المهاجرين. فقال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (?) وبهذه الروح وبحسن التربية من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن التدبير حلت مشكلة الهجرة، وكأن ليس لها مشكلات مع أن مشكلات الهجرة من أعقد المشكلات في العالم.
وهذه نصوص نذكرها توضح حسن الاستقبال من الأنصار للمهاجرين ومنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكثرة إقبالهم عليه صلى الله عليه وسلم.
231 - * روى البخاري عن خارجة بن زيد رضي الله عنه: أن أم العلاء - امرأة من الأنصار - بايعت النبي صلى الله عليه وسلم، أخبرته: أنه اقتسم المهاجرون قرعة، فطار لنا عثمان بن مظعون، فأنزلناه في أبياتنا، فوجع وجعهُ الذي توفي فيه، فلما توفي وغُسل وكُفن في أثوابه، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك: لقد أكرمك الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وما يدريك أن الله أكرمُ؟ " فقلت: بأبي أنت يا رسول الله، فمن يكرمه الله؟ فقال: "أما هو فقد جاءه اليقين، والله إني لأرجو له الخير، والله ما أدري - وأنا رسول الله - ما يُفعلُ بي؟ " قالت: فوالله لا أزكي أحداً بعده أبداً.
زاد في رواية قالت: وأريت لعثمان في النوم عيناً تجري، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ ذلك له، فقال: "ذاك عملهُ".
وفي رواية قالت: فأحزنني ذلك، فنمتُ، فرأيت لعثمان عيناً تجري.