وادي العقيق الذي كان متنزه المدينة، وكان يتدفق بالماء، ويزهو بالبساتين، وكانت الأرض صالحة لحفر الآبار، وقد كثرت في البساتين، ومنها ما هو مسور ويسميه أهل المدينة (الحائط) واشتهرت آبار كثيرة بعذوبة الماء ووفرته، وكانت لهم شراج (?)، وكانوا يحولون الماء بالمساحي (?) إلى حدائقهم.

وكان من الحبوب الرئيسية الشعير، ثم القمح، وتكثر الخضراوات والبقول، وكانت لهم طرق في المزارعة والمؤاجرة والمزابنة، والمحاقلة، والمعاومة، منها ما أقره الإسلام ومنها ما منعه أو أصلحه.

وكانت العملة في مكة والمدينة واحدة، وكانت المدينة تعتمد على المكاييل وتحتاج إليها أكثر من مكة، لاعتماد أهلها على الحبوب والثمار، وكانت الأكيال المستعملة في المدينة هي المد والصاع والفرق والعرق والوسق، أما الأوزان المستعملة فهي الدرهم والمثقال والدانق والقيراط والنواة والرطل والقنطار والأوقية.

ولم تكن المدينة - على خصبها - مكتفية غذائياً، فكان أهلها يستوردون بعض المواد الغذائية من الخارج، وكانوا يجلبون دقيق الحوار والسمن والعسل، من الشام.

قد جاء في حديث رواه الترمذي عن قتادة بن النعمان - رضي الله عنه -: " كان الناس إنما طعامهم بالمدينة، التمر والشعير، وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة (?) من الشام من الدرمك (?)، ابتاع الرجل منها فخص بها نفسه، وأما العيال فإنما طعامهم التمر والشعير، والقصة تلقي ضوءاً على الحالة الغذائية في المدينة - التي لم تحدث بعد الهجرة فجأة - وعلى المستويات المختلفة في المعيشة.

وكان اليهود - كما عرف من طبيعتهم وتاريخهم في كل بلد - أكثر غنى من العرب، وكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015