بحكم النشأة في البيئة اليهودية، وقد كان في يهود العرب جميع هذه الأنواع، وقد ثبت أن التاجر اليهودي الكبير والشاعر المشهور كعب بن الأشرف الذي يعرف بالنضري كان من قبيلة (طيءْ) تزوج أبوه في بني النضير، فنشأ كعب بن الأشرف يهودياً متحمساً.

قال ابن هشام: كان رجلاً من طيئْ، ثم أحد بني نبهان، وكانت أمه من بني النضير، وكان بعض من لا يعيش له ولد من العرب ينذر، إذا ولد له ابن وعاش هودُوه، فكان في المدينة عدد من العرب الذين دخلوا في اليهودية عن هذا الطريق.

روى الإمام أبو داود السجستاني (?) بسنده عن ابن عباس قال: كانت المرأة تكون مقلاتاً فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهودهُ، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا: لا ندع أبناءنا، فأنزل الله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (?).

* * *

الأوس والخزرج:

تنتمي بطون الأوس والخزرج - سكان المدينة العرب - إلى القبائل الأزدية اليمنية، وكانت موجات هذه الهجرة من اليمن إلى يثرب متفرقة فيأوقات مختلفة، وكانت لعوامل متعددة؛ منها اضطراب أحوال اليمن وغزو الأحباش، وإهمال أمر الإرواء بخراب سد (مأرب)، وعلى هذا فالأوس والخزرج أحدث عهداً في المدينة من اليهود.

وقد سكنت بطون الأوس في المنطقة الجنوبية والشرقية، وهي منطقة العوالي من يثرب، بينما سكنت بطون الخزرج المنطقة الوسطى الشمالية، وهي سافلة المدينة، وليس وراءهم شيء في الغرب إلى خلاء حرة الوبرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015