بكر ما ظنُّكَ باثنين الله ثالثهما".
201 - * روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم أعقِلْ أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار، بُكرةً وعشيةً، فلما ابتُلي المسلمون، خرج أبو بكر مهاجراً نحو أرض الحبشة، حتى بلغ برك الغِماد، لقيه ابن الدُّغنة - وهو سيدُ القارة - فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي، فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي، فقال ابن الدُّغُنِّة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يُخرج، إنك تكسبُ المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتُعين على نوائب الحق، فأنا لك جار، ارجعْ فاعبدْ ربك ببلدك، فرجع. وارتحل معه ابن الدُّغنة، فطاف ابن الدغنة في أشراف قريش، فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا ُخرج، أتخرجون رجلاً يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكل، ويقري الضيف، ويعين على نوائب الحق؟ فلم تُكذب قريش بجوار ابن الدُّغنة.
وفي رواية: فانفذت قريش جوار ابن الدغنة - وآمنوا أبا بكر - وقالوا لابن الدغنة: مُرْ أبا بكر فليعبد ربه في داره، فليُصَلِّ فيها، وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك، ولا يسْتَعْلِنْ به، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر، فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه في دره، ولا يستعلن بصلاته، ولا يقرأ في غير داره، ثم بدا لأبي بكر، فابتنى مسجداً بفناء داره، وكان يصلي فيه، ويقرأ القرآن فيتقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يعجبون منه، وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلاً بكاء، لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إلى ابن