ساقي فقال: ألصق خدي بالأرض فترك لحيتهُ وخده، حتى وقع بالأرض فقال: ويلك وويل أمك يا عمر إن لم يغفر الله لك يا عمر. ثم قُبض رحمه الله: فلما قُبض أرسلوا إلى عبد الله بن عمر فقال: لا آتيكم إنْ لم تفعلوا ما أمركم به من مشاورة المهاجرين والأنصار وسراة من هنا من الأجناد قال الحسن، وذُكر له فعمل عمر عند موته وخشيته من ربه فقال: هكذا المؤمن جمع إحساناً وشفقة، والمنافق جمع إساءة وغرةً، والله ما وجدتُ فيما مضى ولا فيما بقى عبداً ازداد إحساناً إلا ازداد مخافة وشفقة منه، ولا وجدت فيما مضى ولا فيما بقى عبداً ازداد إساءة إلا ازداد غر.
1603 - * روى البخار يعن عروة بن الزبير رضي الله عنهما أنه لما سقط عليهم الحائط في زمان الوليد بن عبد الملك أخذوا في بنائه، فبدت لهم قدم، ففزعوا، وظنوا أنها قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما وجدا أحداً يعلم ذلك، حتى قال لهم عروة: لا والله، ما هي قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما هي إلا قدم عمر.
قال الحافظ في الفتح: والسبب في ذلك ما رواه أبو بكر الآجري من طريق شعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي قال: كان الناس يصلون إلى القبر، فأمر به عمر بن عبد العزيز فرفع حتى لا يصلي إليه أحدن فلما دم بدت قدم بساق وركبة، ففزع عمر بن عبد العزيز، فأتاه عروة فقال: هذا ساق عمر وركبته، فسري عن عمر بن عبد العزيز، وروى الآجري من طريق مالك بن المغول عن رجاء بن حيوة قال: كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز وكان قد اشترى حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: أن اهدمها ووسع بها المسجد، فقعد عمر في ناحية المسجد ثم أمر بهدمها، فم رأيته باكياً أكثر من يومئذ، ثم بناه كما أراد، فلما أن بنى البيت على القبر، وهدم البيت الأول ظهرت القبور الثلاثة، وكان الرمل الذي عليها قد انهار، ففزع عمر بن عبد العزيز، وأراد أن يقوم فيسويها بنفسه، فقلت له: أصلحك الله، إنك إن قمت قام الناس معك، فلو أمرت رجلاً أن يصلحها، ورجوت أن يأمرني بذلك، فقال: يا مزاحم- يعني مولاه-: قم فأصلحها (1).