جعل من نسله إمام الصديقين وخاتم المرسلين محمداً صلى الله عليه وسلم الذي ربى أمة على الصدق في القول والحال والعمل، فكانت خير أمة أخرجت للناس.
7 - * روى البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: أول ما اتخذ النساءُ المنطق من قِبَلِ أم إسماعيل، اتخذت منطقاً لتعفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل - وهي تُرضعه - حتى وضعها عند البيت، عند دوحةٍ فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذٍ أحد، وليس بها ماء، فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جراباً فيه تمر، وسقاء فيه ماء، ثم قفى إبراهيم منطلقاً، فتبعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مراراً، وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: الله أمرك بهذا؟ قال: نعم: قالت: إذاً لا يُضيعنا.
ثم رجعت، فانطلق إبراهيمُ حتى إذا كان عند التثنية - حيث لا يرونه - استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الكلمات، ورفع يديه فقال: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} حتى بلغ {يَشْكُرُونَ} (?).
وجعلت أمُّ إسماعيل تُرضعُ إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفدَ ما في السِّقاء عطشت، وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى - أو قال: يتلبط - فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبلٍ في الأرض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظرُ هل ترى أحداً؟ فلم تر أحداً، فهبطت من الصفا، حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادي، ثم أتت