بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإنس والجن، وفي ذلك شرف للفريقين إذا استحقوا الخطاب من الله والتكليف، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من العرب، وكان العرب هم المخاطبين الأُوَلَ برسالته، فكان ذلك شرفاً وتشريفاً لهم، وكان هاشمياً قرشياً وكان ذلك شرفاً للقبيلة والعشيرة، واستجاب له من استجاب ممن شاهده ورآه فحاز هؤلاء أعظم شرف بعد النبوة وهو شرف الصحبة الذي لا يعدله بعد شرف النبوة شرف، وهؤلاء الأصحاب منهم المهاجرون ومنهم الأنصار ولكل شرفه وفضله، وبعض الأصحاب كان له مزيدُ شرفٍ لزيادة وصف كمن اجتمعت له الصحبة والقرابة، أو من اجتمعت له الصحبة والزوجية، كأزواجه عليه الصلاة والسلام، أو من اجتمعت له الصحبة والبنوة، فهذه كلها دوائر من الشرف بعضها أرقى من بعض ولا شرف عند الله لمن كفر برسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونحن سنُدْخِلُ في هذا الباب فصولاً شتى يجمعها أنها دوائرُ أحاطت برسول الله صلى الله عليه وسلم بعض هذه الفصول قصير وبعضها طويل وبعضها متداخل مع بعض، ولكنها جميعاً لابد منها لدارس سيرته وسنته عليه الصلاة والسلام، وبعض من مواد هذه الباب يعتبر ألصق بأبواب أخرى، ولذلك فإننا سنذكره حيث الأجمل، وسنحاول ما استطعنا الاختصار، ونسأل الله عز وجل الحفظ والتوفيق.
* * *