رتب الله عز وجل على بعثة الرسل أشياء كثيرة من وجوب الإيمان بهم ووجوب طاعتهم ونصرتهم كما رتب على ذلك النجاة في الدنيا والأخرى، ولأهمية هذه المعاني جعل الله عز وجل مع الرسل من الآيات ما تقوم به الحجة على الخلق وذلك من كمال فضله ورحمته جل جلاله.
إن كمالات الرسل عليهم الصلاة والسلام كافية للإيمان بهم، ومع ذلك فقد أعطاهم ربهم معجزات تقطع حجج الخصوم وتستدعي الإيمان من عشاق الحق وأهل الإنصاف وخاصة الناس وعامتهم. ولم يعط رسول من الرسل عليهم الصلاة والسلام ما أعطيه رسولنا من مستدعيات الإيمان؛ لأنه بُعث لكل الناس وإلى آخر الناس، ولذلك كانت أعلام نبوته لا تتناهى، ودلائل بعثته لا تُحصى، وكم من إنسان استدعى الإيمان منه معنى لطيفاً أو صفة أو خارقة أو نبوءة أو لفتة غير متوقعة، ولذلك فقد كتب في دلائل نبوته وأعلام رسالته الكثير ولا زال، ولايطمع أحد في استقصائها؛ لأن كل يوم جديد يأتي بجديد.
* * *
وقد ذكر صاحب الرسالة المستطرفة تسعة وعشرين كتاباً مؤلفة في الدلائل وأعلام النبوة. وأشهرها كتاب دلائل النبوة لأبي نعيم الحافظ، ولأبي بكر البيهقي، وكتاب أعلام النبوة لأبي داود السجستاني، ودلائل الإعجاز لأبي عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرايني، وكتب السيرة للزهري، والواقدي، ومنها الروض الأنفُ للسهلي.
وقد حاول الشيخ يوسف النبهاني في كتابه (حجة الله على العالمين) أن يجمع الكثير وقد ألفح. ولكن هذا الكثير نفسه قليل بالنسبة لما كتب ويمكن أن يكتب، فصفاته الجسمية صلى الله عليه وسلم وأخلاقه الشخصية وسيرة حياته قبل البعثة وبعدها، وهديه في كل صغيرة وكبيرة، والقرآن الذي أنزل عليه، والسنة التي كملت وأكملت، ومعجزات كثيرة في كل، ونبوءات كثيرة في كل، وإعجاز القرآن وحده، وما في هذا الإعجاز من ملامح، فكل دليل على الإعجاز معجزة، وانطباق البشارات التي بشر بها رسل سابقون عليه، كل ذلك من أعلام نبوته ودلائل بعثته وكم من معجزة تأتي في سياق غزوة، وكم من معجزة تأتي