ألف في موضوع هذا الباب الكثيرن، بل كُتب في كل جانب فيه كتب، ونحن في هذا الباب سنتخير أمهت ماورد فيه، معتمدين على أن تفصيلات كثيرة سترد في هذا الكتاب؛ حيث الموضوع الأكثر لصوقاً بالنص. والسيرة النبوية هي المظهر التطبيقي لنصوص الكتاب والسنة، تحوي كل شيء، فما من موضوع حياتي يخطر بالبال إلا وتستطيع استخراج نصوص تتحدث عنه، وأي موضع تريد أن تكتب فيه بحثاً تستطيع أن تستخرج له من مجموع النصوص الكثير، الموزع في سياقات متعددة، ولذلك استطاع الباحثون أن يتوسعوا في كل موضوع طرقوه، أما ونحن نريد عرض السنة النبوية باختصار فلا يسعنا إلا أن نلحق كل نص في الموضوع الذي هو أكثر لصوقاً به وهذا الذي سنفعله في هذا الباب إن شاء الله.
إنك لو أردت أن تستخرج صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم وخصائصه، من الكتاب والسنة، فإنك ستجد نصوصاً كثيرة تستخرج منها خصيصة أو صفة، وهذا ليس الهدف الوحيد لنا في هذا الكتاب، فمن ثم تركنا الاستقصاء، ولكن ما تركناه هنا سيأتي معنا في سياقات أخرى.
ومن تأمل صفاته، وخصائصه، وشمائله عليه الصلاة والسلام لم يشك أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد توسعنا في هذا الموضوع في كتابنا (الرسول صلى الله عليه وسلم) في باب الصفات، وكيف أن صفاته وحدها تدل على أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً؛ فلقد رزقه الله عز وجل الكمالات الجسمية، والنفسية، والخلقية، والسلوكية؛ فكان محمداً صلى الله عليه وسلم أي المتصف بصفة المحمودية في الأرض والسماء.
فمحمّد اسم مفعول مشتق من الفعل المضعف (حمّد)، فمن حيث نظرت إليه وجدته محمداً في الدنيا، والآخرة، في العقل أو في القيادة، في السياسة أو في الحرب، في الدين أو في الدنيا، في العزلة أو في المخالطة، في المعاملة أو في المفاصلة، في المجادلة أو المجاولة، في المداراة أو التأديب.