ذلك، وقد بنى بعضهم على هذا الاتجاه واستخرج أمورا، ومن كلام الألوسي:
«ومما يستأنس به لذلك ما رواه العز بن عبد السلام: أن عليا رضي الله عنه استخرج وقعة معاوية من (حم عسق) واستخرج أبو الحكم عبد السلام بن برجان في تفسيره (فتح بيت المقدس) سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة من قوله تعالى الم غُلِبَتِ الرُّومُ. «وهناك أقوال كثيرة أخرى يذكرها المفسرون: من أنها لإيقاظ السامع أو التالي، أو للإشارة إلى ما في هذا القرآن من جديد غير معتاد. ولبعض الكفرة رأي في هذا الشأن، نسجله ليعرف ويتأمل، وهو أن هذه الأحرف تحدد جرس السورة، فهي بمثابة المفتاح لطريقة الأداء. وما من أحد يدعي أنه أصاب في شأنها مراد الله فيها، ولكن في كل ما قيل ويمكن أن يقال- مما يستطيع أصحابه أن يدللوا عليه- تظهر بعض أسرار هذه الحروف، ويظهر بذلك بعض أسرار الإعجاز.
ومن كلام الألوسي فيها:
«ومن عجائب هذه المفاتح أنها نصف حروف المعجم على قول، وهي موجودة في تسع وعشرين سورة، عدد الحروف كلها على قول، واشتملت على أنصاف أصنافها من المهموسة والمجهورة والشديدة والمستعلية والمنخفضة وحروف القلقلة». اهـ.
وبعد أن عرض ابن كثير للأقوال الكثيرة في هذه الفواتح، رجح أن يكون المراد منها الإشارة إلى الإعجاز والتحدي، ثم ختم كلامه عنها برد كلام من زعم أنها دالة على معرفة المدد، فلننقل كلامه لأن فيه سردا لما نقل عن اليهود في هذا الشأن:
قال ابن كثير: «وأما من زعم أنها دالة على معرفة المدد وأنه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم، فقد ادعى ما ليس له، وطار في غير مطاره، وقد ورد في ذلك حديث ضعيف وهو مع ذلك أدل على بطلان هذا المسلك به على صحته، وهو ما رواه محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي: حدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن جابر بن عبد الله بن زياد قال: مر أبو ياسر بن أخطب في رجال من اليهود برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو فاتحة سورة البقرة الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ فأتى أخاه حيي بن أخطب في رجال من اليهود فقال: تعلمون والله لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل الله تعالى عليه الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ فقال: أنت سمعته. قال: نعم فمشى حيي بن أخطب في أولئك النفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم