والعقاب. وهذا الذي ذكرته الآية الثانية من الخاتمة. وهذا والذي قبله، لا يتأتى إلا بعبودية كاملة، وتوفيق من الله وهذا الذي علمتنا إياه الدعوات.
رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا. رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ.
لقد جمعت هذه الدعوات الخاتمة، كل التطلعات التي يتطلع إليها المؤمنون. وكان ذلك ختام السورة.
2 - ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في سورة البقرة قوله: «إن كادت لتستحصي القرآن كله». وقد رأينا خلال استعراض السورة، أنها استوعبت من المعاني ما لا يحاط به.
ولكن الأمر بالنسبة لسورة البقرة، أوسع مما عرضناه فقد رأينا أن هذا القرآن يتألف من أربعة أقسام: قسم الطوال. وقسم المئين. وقسم المثاني. وقسم المفصل، كما ورد في حديث حسن. وقد رأينا في أول هذا التفسير، كيف أن بقية قسم الطوال مرتبة على نسق معين، مرتبط بنفس الترتيب الموجود في سورة البقرة. فسورة آل عمران، تفصيل لمعان جاءت في أول البقرة. وسورة النساء، تفصيل لمعان جاءت بعد ذلك.
وهكذا قل في المائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، وبراءة.
وسنرى أن قسم المئين يتألف من ثلاث مجموعات. كل مجموعة تفصل في محاور من سورة البقرة على ترتيب وتسلسل موجودين في سورة البقرة. ثم يأتي قسم المثاني وهو يتألف من مجموعات كثيرة، كل منها يفصل في محاور من سورة البقرة على ترتيب وتسلسل موجودين في سورة البقرة. وكذلك قسم المفصل. وسنرى ذلك في هذا التفسير واضحا دون أن نتكلف في شأنه، أو نتعسف. وبهذا كله يظهر لنا كيف تستوعب سورة البقرة معاني القرآن. وبهذا كله يظهر نوع من أنواع الإعجاز في القرآن. وما أكثر أنواع الإعجاز، وما أكثر المعجزات في هذا القرآن. وسنرى بشكل واضح، كيف أن كل مجموعة سور، ستعرض معاني بتسلسل خاص ضمن قاعدة كلية. وسنرى كيف أن بعض المعاني نتيجة لذلك عرضت على أشكال كثيرة، وبطرق عرض متعددة. وسنرى أن لكل مجموعة خصائصها، مع اشتراك
الجميع في خصائص واحدة، وكل ذلك سنراه في هذا التفسير بإذن الله. ونسأل الله أن يجعلنا كلنا لله. ذواتنا، وأعمالنا، وأقوالنا، وكل شئ فينا.