والسؤال، لو أنه عزم على السيئة، وحاولها، ولم ينجح في الوصول إليها، الراجح أنه يأثم. ولكن دون إثم الفاعل.
وبهذا ينتهي الكلام عن آخر قسم من أقسام سورة البقرة. وبقي الكلام عن خاتمتها.
رأينا أن النظام الإسلامي المالي من أركانه: الإنفاق. ومن معالمه، تحريم الربا. ومن معالمه، المعاملات المنضبطة. ويدخل في الإنفاق، الزكاة، وصدقة الفطر. ويدخل فيه الوقف. ويدخل فيه الإنفاق الواجب. وتدخل فيه التطوعات عامة.
إن هذه المعاني عند ما تنطلق في الحياة البشرية، وتأخذ مداها، موجهة بالعلم، وحسن التطبيق. ووضع الأمور في مواضعها. فإن ما يمكن أن يترتب عليها من آثار، لا يمكن إحصاؤها في حل المشكلات، وإنقاذ الأوضاع، وإيجاد حياة اقتصادية نشيطة.
فوجوب الإنفاق، وتحريم الربا يضطر أصحاب رءوس الأموال لتشغيلها في السلم، وشركات المضاربة، أو إقراضها القرض الحسن، مما يجعل رأس المال يتحرك، ويحرك في غير ما تأثير ضار على الحياة الاقتصادية، والاجتماعية. فإذا رافق هذا معاملات منضبطة، تضبطها قواعد العدل، والحق الإلهيين من خلال النصوص، ومن خلال الفتوى البصيرة فإن الوضع الاجتماعي، والاقتصادى للأمة، يكون على غاية المتانة.
لقد رأينا في هذا القسم كلاما عن المرأة، وكلاما عن الرجل. ورأينا فيه كلاما في الحرب، والقتال، والسياسة. ورأينا كلاما عن شئون مالية، واقتصادية. ورأينا فيه كلاما عن الصلاة والإنفاق. ورأينا فيه كلاما عن الله، واليوم الآخر. وكل ذلك جاء في سياق الأمر بالدخول في الإسلام كله. ومجئ ذلك في هذا السياق، يشعرنا أنه لا انفصال بين أركان الإسلام، وبقية الإسلام. وأنه لا انفصال بين التقوى، وبين ما ينبغي أن ينبثق عنها من التزام بالإسلام كله. وفي ذلك كله تصحيح لمفاهيم أكثر الخلق. إنه تصحيح لمفاهيم الذين يتصورون أن الدين الحق منفصل عن الدولة. وإنه تصحيح لمفاهيم الذين يتصورون أن الله- جل جلاله- لا دخل له في شئون هذا العالم.
وأنه تصحيح لمفاهيم الذين يتصورون أن التقوى مجرد صلاة فقط، أو إقامة لأركان