إن القارئ سيرى بإذن الله كيف أن هذه السلسلة تعطيه أساسا في فهم القرآن، وأساسا في السنة وفقهها، بل ستعطيه كذلك أساسا في أشياء كثيرة من توحيد إلى فقه إلى سلوك ... إلى غير ذلك، بل ستعطيه أساسا لفقه الدعوة الإسلامية، وأساسا لنظرة المسلم إلى القضايا المعاصرة؛ ولكن نرجو ألا يطالبنا المسلم بأكثر من الأساس، وإن كنا قد نقدم أكثر من ذلك أحيانا. ولقد حرصنا فيما حرصنا عليه في هذه السلسلة بأقسامها الثلاثة على أن ندل المسلم على أسباب اختلاف الأمة الإسلامية في فرقها الاعتقادية مبرهنين على الاعتقاد الحق بأدلته الساطعة، كما حاولنا أن نبرز أسباب اختلاف الأئمة المجتهدين، وكيف أن الاجتهاد كان ضرورة لا بد منها، وكيف أن من أهم ميزات المجتهد استشرافه الشامل لمجموع النصوص، وقدرته على أن يضع كل نص في محله بالنسبة لمجموع النصوص، ولقد حاولنا في هذه السلسلة أن نبرز منطلقات الأئمة المجتهدين وحججها، وما ترتب على الاختلاف في المنطلقات من آثار، وكما حرصنا على إبراز ذلك كله، فقد حرصنا على أمور كثيرة أخرى ستضح في هذه المقدمة، وكلها تقتضيها احتياجات عصرنا إذ كانت هذه الاحتياجات في الحقيقة هي الدافع الأول نحو العمل في هذه السلسلة، فهي خدمة تضاف إلى خدمات هذه الأمة لكتاب ربها تعالى، ولسنة نبيها عليه الصلاة والسلام، إنه لم تخدم نصوص في تاريخ هذا العلم كما خدمت نصوص القرآن الكريم، ونصوص السنة النبوية المطهرة، حتى إن مجموعة العلوم التي وجدت لأنواع من هذه الخدمة تبلغ العشرات بل المئات، ومجموعة الكتب التي ألفت لهذه الخدمة لا يمكن حصرها ولا إحصاؤها فضلا عن الكتب التي تعتبر انبثاقا عن علوم انبثقت من الكتاب والسنة، ومع هذا كله فإن لكل عصر احتياجاته التي تختلف عن احتياجات عصر سبقه، ومن ثم فلا بد من ملاحظة احتياجات عصرنا، لمعرفة ما ينبغي أن يضاف إلى المكتبة القرآنية والحديثية مستفادا مما قدمه المؤلفون في عصور سابقة، مع ملاحظة أن ما قدمه السابقون يكاد ألا يكون عليه مزيد، ولا في شأنه مستزيد، ومن ثم فإن المؤلف المعاصر ليس عليه في الغالب إلا أن يتخير من تحقيقات السابقين في كثير من الأمور، وأن يكون تخيره ملاحظا فيه احتياجات العصر.
إذا اتضح هذا الأمر، فلنر بعض احتياجات عصرنا بالنسبة للقرآن الكريم ثم بالنسبة للسنة المطهرة، وبعض جوانب الخدمة التي نرغب أن نقدمها نتيجة لذلك في بعض أقسام هذه السلسلة: