ومما مرّ نلاحظ أن الكلام عن الإيمان، وما لأهله، وعن الطريق لتحقيق الإيمان يأخذ حيّزا كبيرا في السورة.
....
ونجد في السورة قوله تعالى:
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ* وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ فالسورة إذن تتحدث عن مظهر من مظاهر النفاق وعلامة من علاماته، وصلة ذلك بمقدمة سورة البقرة واضحة.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ....
(الآية: 8)
....
وفي السورة قوله تعالى:
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ* وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ (الآيتان: 12، 13).
وفي السورة قوله تعالى:
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (الآية: 23).
فمما تقدم ندرك أن السورة تتحدث عن المتقين والكافرين والمنافقين من خلال التفاعل اليومي لعملية السير المستمرة لأهل الإيمان، وما يحدث خلال ذلك. فالسورة عرض حركي لقضية الإيمان والكفر والنفاق، وهي كذلك عرض لما استكن في مقدمة سورة البقرة. ومن ثمّ ندرك أن قضية التفصيل في السياق القرآني العام ليست عملية تكرار لمعان، بل عملية تفصيل، وليس تفصيلا بالمعنى البشري للتفصيل، بل هو تفصيل عجيب هو أثر علم الله المحيط.
....