نلاحظ أنه قد ورد في القسم الأول من السورة على لسان موسى قوله: رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ وهاهنا يأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم فيقول: فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ وهذا يشير إلى أن من مقاصد السورة الرئيسية التربية على هذا المعنى، كما يشير إلى أن القسم الثاني يبنى على ما ورد في القسم الأول.
وَلا يَصُدُّنَّكَ أي ولا يمنعنك هؤلاء عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ أي عن العمل بالقرآن وَادْعُ إِلى رَبِّكَ أي إلى توحيده وعبادته وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ انتسابا أو مشاركة أو عملا أو اعتقادا.
كلمة في السياق:
بدأت السورة بقوله تعالى: طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ وفي هذه الآية ورد قوله تعالى: وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ فالصلة بين مقدمة السورة وخاتمتها لا تخفى، وكنا ذكرنا أن محور هذه السورة هو قوله تعالى: تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ وقد رأينا كيف أن قوله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ .. توجيه لصاحب الرسالة. وهاهنا نرى الخطاب لمن أنزلت عليه الآيات ألا يصده أحد عن هذه الآيات. فالصلة بين السورة ومحورها واضحة، كما أن السياق الخاص للسورة واضح الترابط. ثم تختم السورة بقوله تعالى:
..
وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ أي لا تليق العبادة إلا له، ولا تنبغي الإلهية الا لعظمته كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ قال ابن كثير: إخبار بأنه الدائم الباقي الحي القيوم الذي تموت الخلائق ولا يموت ... لَهُ الْحُكْمُ أي القضاء في خلقه والأمر والنهي والتشريع والملك والتصرف ولا معقب لحكمه وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أي يوم القيامة فيجزيكم بأعمالكم إن خيرا فخير وإن شرا فشر.