وهي آية واحدة وهي الآية (الثانية والخمسون) وهذه هي:
هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (52)
هذا أي الذي ورد في السورة بَلاغٌ لِلنَّاسِ أي كفاية في التذكير والموعظة، وبه تقوم الحجة الكاملة عليهم وَلِيُنْذَرُوا بِهِ أي بهذا البلاغ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ بمجموع ما جاء في السورة وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ أي ذوو العقول فيخرجون بهذا البلاغ من الظلمات إلى النور.
وبمناسبة هذه الآية قال صاحب الظلال:
(إن الشرك بالله- المخالف لشهادة أن لا إله إلا الله- يتمثل في كل وضع وفي كل حالة لا تكون فيها الدينونة في كل شأن من شئون الحياة خالصة لله وحده، ويكفي أن يدين العبد لله في جوانب من حياته بينما هو يدين في جوانب أخرى لغير الله. حتى تتحقق صورة الشرك حقيقة وتقديم الشعائر ليس إلا صورة واحدة من صور الدينونة الكثيرة، والأمثلة الحاضرة في حياة البشر اليوم تعطينا المثال الواقعي للشرك في أعماق طبيعته. إن العبد الذي لا يتوجه لله بالاعتقاد في ألوهيته وحده ثم يدين لله في الوضوء والطهارة والصلاة والصوم والحج وسائر الشعائر بينما هو في الوقت ذاته يدين في حياته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لشرائع من عند غير الله، ويدين في قيمه وموازينه الاجتماعية لتصورات واصطلاحات من صنع غير الله. ويدين في أخلاقه وتقاليده وعاداته وأزيائه لأرباب من البشر تفرض عليه هذه الأخلاق والعادات والتقاليد والأزياء- مخالفة لشرع الله وأمره- إن هذا العبد يزاول الشرك (الخفي أو الجلي) فى أخص حقيقته ويخالف عن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله في أخص حقيقتها هذا ما يغفل عنه الناس اليوم فيزاولونه في ترخيص وتميع، وهم لا يحسبونه