[سورة إبراهيم (14): آية 32]
التفسير:

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً أي بدلوا شكر نعمة الله كفرا، وذلك لأن شكرها الذي وجب عليهم وضعوا مكانه كفرا، فكأنهم غيروا الشكر إلى الكفر، وبدلوا تبديلا، واللفظ يعم كل الكفار، وهو في حق بعض الأقوام أظهر، كالعرب في عصرنا، وأهل مكة، إذ بدلوا دين إبراهيم وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ أي دار الهلاك والصيغة تدل على أن الكلام في القادة والرؤساء الذين يسيرون بمن تابعهم إلى الهلاك

جَهَنَّمَ هي دار البوار يَصْلَوْنَها أي يدخلونها وَبِئْسَ الْقَرارُ أي وبئس المقر جهنم

وَجَعَلُوا أي هؤلاء الذين دخلوا جهنم لِلَّهِ أَنْداداً أي شركاء عبدوهم معه ودعوا الناس إلى ذلك، جعلوهم له أمثالا أو في التسمية لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قال البيضاوي: وليس الضلال ولا الإضلال غرضهم في اتخاذ الأنداد ولكن لما كان نتيجته جعل كالغرض قُلْ تَمَتَّعُوا هذا تهديد ووعيد من الله لهم، أي مهما قدرتم عليه في الدنيا فافعلوا، فمهما يكن من شئ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ فإن مرجعكم ومآلكم إليها، والأمر بالتمتع هنا يفيد الخذلان والتخلية، والتمتع كما فسره ذو النون المصري أن يقضي العبد ما استطاع من شهوته

قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا أضاف عباده إلى نفسه تشريفا لهم، ووصفهم بأعلى أوصافهم وهو الإيمان يُقِيمُوا الصَّلاةَ بالمحافظة على وقتها وحدودها وركوعها وخشوعها وسجودها وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يدخل في ذلك أداء الزكوات، والنفقة على القربات، والإحسان إلى الأجانب في الخفية والجهر، وإخفاء التطوع أفضل، وإعلان الواجب أفضل، إلا لمصلحة في الحالتين مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ هو يوم القيامة لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ أي لا انتفاع فيه بمبايعة ولا مخالة فالخلال المخالة أي الصداقة فليبادر العبد في الدنيا بالصلاة والإنفاق لخلاص نفسه

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ قال النسفي: من السحاب ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015