ب- وروى البزار عن عكرمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستعينه في شئ، قال عكرمة: (أراه قال في دم) - فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ثم قال: «أحسنت إليك؟» قال الأعرابي: لا، ولا أجملت، فغضب بعض المسلمين، وهموا أن يقوموا إليه، فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم أن كفوا، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغ إلى منزله، دعا الأعرابي إلى البيت فقال: «إنك إنما جئتنا تسألنا فأعطيناك، فقلت ما قلت» فزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا وقال: «أحسنت إليك؟» فقال الأعرابي: نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«إنك جئتنا فسألتنا فأعطيناك فقلت ما قلت، وفي أنفس أصحابي عليك من ذلك شئ، فإذا جئت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب عن صدورهم» فقال:
نعم، فلما جاء الأعرابي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن صاحبكم كان جاءنا فسألنا فأعطيناه، فقال ما قال، وإنا قد دعوناه فأعطيناه، فزعم أنه قد رضي كذلك يا أعرابي؟» قال الأعرابي: نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
«إن مثلي ومثل هذا الأعرابي كمثل رجل كانت له ناقة، فشردت عليه، فاتبعها الناس، فلم يزيدوها إلا نفورا، فقال لهم صاحب الناقة: خلوا بيني وبين ناقتي، فأنا أرفق بها، وأنا أعلم بها، فتوجه إليها، وأخذ لها من قشام الأرض، ودعاها حتى جاءت واستجابت، وشد عليها رحلها، وإني لو أطعتكم حيث قال ما قال لدخل النار».
وبمناسبة الكلام عن هاتين الآيتين، نذكر ما روي في الصحيح من أن زيدا المكلف بكتابة القرآن في زمن أبي بكر قال: فوجدت آخر سورة براءة مع خزيمة بن ثابت- أو أبي خزيمة- فسجلها زيد بناء على شهادته؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل شهادته بشهادة رجلين، ولا يعني هذا أن هاتين الآيتين ليستا متواترتين، بل هما متواترتان رواية، إذ كثير من الصحابة الحفاظ كانوا يحفظونهما ورووهما، ولكن هذه رواية حال، لا تنفي وجود رواة آخرين.
5 - روى أبو داود عن أبي الدرداء. من قال إذا أصبح وإذا أمسى: حسبي الله لا إله هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات، إلا كفاه الله ما أهمه،
انتهت السورة بما رأينا من الأمر للمسلمين بالكون مع الصادقين أهل الجهاد، كما