وقد ذكرت الآيات الخمس الحكمة من الأمر بالعبادة وهي التقوى: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.* والتقوى تنافي الكفر وتنافي النفاق.
وقد وصفت التقوى في أول سورة البقرة: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ.
وقد جاء مقطع كامل في سورة النساء حول طاعة الله والرسول صلى الله عليه وسلم، ثم جاء مقطع كامل آخر حول وجوب الحكم بما أنزل الله. كما وصف المتقون في سورة البقرة بقوله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ.
وقد جاء أكثر من مقطع في سورة النساء يفصل في قضايا الإيمان وفي القضايا التي تنافي الإيمان فجاء أكثر من مقطع يفصل في الكفر والنفاق.
هذه إشارات سريعة في موضوع صلة سورة النساء بمحورها من سورة البقرة ولو أننا أردنا أن نتوسع لطال المقام.
جاء بعد مقدمة سورة البقرة المقطع الذي أسميناه مقطع الطريقين وهو تسع آيات:
خمس منها هي محور سورة النساء، وثنتان منها هي محور سورة المائدة كما سنرى، وثنتان منها هي محور سورة الأنعام كما سنرى، وقد ختم مقطع الطريقين بقوله تعالى:
وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.* وقد ختمت سورة النساء بقوله تعالى: وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. مما يوحي بأن لسورة النساء ارتباطات بتتمة مقطع الطريقين.
وفي الآيتين التاليتين للآيات الخمس الأولى من مقطع الطريقين جاء قوله تعالى:
الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ.* وقد تحدثت سورة النساء عمن ينقض الميثاق وعن بعض المواثيق: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً.
وفي تلك الآيتين جاء قوله تعالى: وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ. وجاء في سورة النساء: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ.