كان إدراك الثمار في الربيعين ووضع الأحمال من الملاقيح ونتائج الخير في أصناف المعاش من الزرع والضّرع في الصيف، وإن كانت مبادئها في أوائل الشّتاء ثم تمت حالا بعد حال فكانت تنتظر في آجالها وقتا بعد وقت انتظار ما في بطون الحاملات، فجعلوا الشّتاء ذكرا والصّيف أنثى. وهذا شرح ما رماه الشّاعر في قوله:

لولا الذي غرس الشّتاء بكفه ... لاقى المصيف هشايما لا تثمر

وذكر أنّ منهم من يجعل الشّتاء نصفين الشّتاء أوّله والرّبيع آخره، وكذلك يجعل الصّيف نصفين الصّيف أوّله والقيظ آخره.

وذكر ابن كناسة أبو يحيى أن العرب تسمّي الشّتاء الرّبيع الأوّل والصّيف الرّبيع الآخر وأن أحدا منهم لم يذكر الخريف في الأزمنة لأنّ الخريف عند العرب اسم لأمطار آخر القيظ، وهذا إذا تؤمل أسفر عن أنهم يجعلون الرّبيع اسما للنّدى والجزء، لكنّهم فصلوه بالشّتاء لشدّة برده ثم اشتهر الرّبيع اسما لما لان من طرفي الوقت.

حكى ابن الأعرابي عن الغنوي أنه قال: يلقى الرّاعي صاحبه فيقول: أين تربّعت العام إذا سقطت الصرفة «1» ؟ وسقوطه عند انصرام نصف السّنة الشّتوية. وقال الفراء ربعية القوم ميرتهم في أول الشّتاء، وأبين من جميع ما ذكرنا أنّهم يسمّون الفرع المؤخر فرع الرّبيع وهو من الشّتاء. وقال النّابغة وقد جعل الحرب كالميرة:

وكانت لهم ربيعة يحذرونها ... إذا خضخضت ماء السّماء القنايل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015