وكان الإمام أحمد ـ عليه رحمة الله ـ يُنكر على من لا يكتب من الحديث إلا المتصل، ويدع كتابة المراسيل، ويعلل ذلك؛ بأنه ربما كان المرسل أصح من حيث الإسناد، فيكون علة للمتصل، فالذي لا يكتب المراسيل تخفى عليه علل الحديث.
قال الميموني (?) :
تعجَّب إلى أبو عبد الله ـ يعني: أحمد بن حنبل ـ ممن يكتب الإسناد، ويدع المنقطع، ثم قال: وربما كان المنقطع أقوى إسناداً وأكبر.
قلت: بَيِنَه لي؛ كيف؟
قال: تكتب الإسناد متصلاً، وهو ضعيف؛ ويكون المنقطع أقوى إسناداً منه؛ وهو يرفعه ثم يسنده (?) ، وقد كتبه هو على أنه متصل، وهو يزعم أنه لا يكتب إلا ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... .
قال الميموني:
معناه: لو كتب الإسنادين جميعاً، عرف المتصل من المنقطع؛ يعني: ضعف ذا وقوة ذا. اهـ.
ويندرج تحت هذا: كتابة الموقوف؛ فقد يكون الحديث مما اختلف فيه الرواة، رفعه بعضهم، وأوقفه البعض الآخر، ويكون الصواب الوقف، فالذي لا يكتب إلا المرفوع، تخفى عليه علته.
وبهذا؛ ندرك القصور البالغ في الفهارس المتداولة للأحاديث النبوية، والتي كثرت جداً في الآونة الأخيرة، حيث أن أكثر صانعي هذه الفهارس لا يعتنون إلا بفهرسة المرفوعات فحسب، وهي المنسوبة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -