حق على المحدث؛ أن يتورع في ما يؤديه، وأن يسأل أهل المعرفة والورع ليعينوه على إيضاح مروياته.
ولا سبيل إلى أن يصير العارف، الذي يُزكي نقلة الأخبار ويجرحهم، جهبذاً؛ إلا بإدمان الطلب، والفحص عن هذا الشأن وكثرة المذاكرة، والسهر، والتيقظ، والفهم، مع التقوى والدين المتين، والإنصاف، والتردد إلى مجالس العلماء، والتحري، والإتقان، وإلا تفعل؛
فدع عنك الكتابة، لست منها ولو سودت وجهك بالمداد قال الله عز وجل: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) .
فإن آنست ـ يا هذا ـ من نفسك فهماً، وصدقاً، وديناً، وورعاً، وإلا فلا تَتَعَنَّ.
وإن غلب عليك الهوى والعصبية لرأي ولمذهب؛ فبالله لا تتعب.
وإن عرفت، أنك مُخلط، مُخبط، مُهمل لحدود الله، فأرحنا منك؛ فبعد قليل ينكشف البهرج، وينكب الزَّغَل، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
فقد نصحتك؛ فَعِلْم الحديث صلف، فأين علم الحديث؟! وأين أهله؟! كدت أن لا أراهم إلا في كتاب، أو تحت التراب.
الإمام الذهبي
" تذكرة الحفاظ " (1/4)