ومما يكون في يوم القيامة المرور على الصراط، وهو جسر ممدود على متن جهنم، يرده الألوان والآخرون، يمر الناس عليه على قدر أعمالهم، وهو أدق من الشعر، وأحد من السيف، وأشد حرارة من الجمر، عليه كلاليب تخطف من أمرت بخطفه، يمر الناس عليه قدر أعمالهم؛ فمنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كالفرس الجواد، ومنهم من يمر كهرولة الرجل، ومنهم من يمشي مشيا، ومنهم من يزحف زحفا، ومنهم من يخطف فيلقى في جهنم، نسأل الله السلامة والعافية.
قال السفاريني: "اتفقت الكلمة على إثبات الصراط في الجملة، لكن أهل الحق يثبتونة على ظاهره من كونه جسرًا ممدودًا على متن جهنم، أحد من السيف، وأدق من الشعر، وأنكر هذا الظاهر القاضي عبد الجبار المعتزلي وكثير من أتباعة؛ زعما منهم أنه لا يمكن عبوره، وإن أمكن؛ ففيه تعذيب، ولا عذاب على المؤمنين والصلحاء يوم القيامة، وإنما المراد طريق الجنة المشار إليه بقوله تعالى: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} 1، وطريق النار المشار إليه بقوله تعالى: {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} 2، ومنهم من حمله على الأدلة الواضحة والمباحات والأعمال الرديئة؛ ليسأل عنها، ويؤاخذ بها، وكل هذا باطل وخرافات؛ لوجوب رد النصوص إلى حقائقها، وليس العبور على الصراط بأعجب من المشي على الماء، أو الطيران في الهواء، أو الوقوف فيه، وقد أجاب صلى الله عليه وسلم عن سؤال حشر الكافر على وجهه؛ بأن القدرة صالحة لذلك ... " انتهى.