الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} 1 ... وهذا في القرآن كثير، يذكر الله عن المشركين أنهم يعترفون لله بالربوبية والانفراد بالحلق والرزق والإحياء والإمانة.
ولم ينكر توحيد الربوبية ويجحد الرب إلا شواذ من المجموعة البشرية، تظاهروا بإنكار الرب، مع اعترافهم به في باطن أنفسهم وقرارة قلوبهم، وإنكارهم له إنما هو من باب المكابرة؛ كما ذكر الله عن فرعون أنه قال: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} 2،وقد خاطبه موسى عليه السلام بقوله: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إلاّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالآرْضِ بَصَائِرَ} 3، وقال تعالى -: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} 4.
وهم لم يستندوا في جحودهم إلى حجة، وإنما ذلك مكابرة منهم؛ كما قال تعالى-: {وَقَالُوا مَا هِيَ إلاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إلاّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إلاّ يَظُنُّونَ} 5، فهم لم ينكروا عن علم دلهم على إنكاره ولا سمع ولا عقل ولا فطرة.
ولما كان هذا الكون وما يجري فيه من الحوادث شاهدًا على وحدانية الله وربوبيته؛ إذ المخلوق لا بد له من خالق، والحوادث لا بد من محدث؛ كما قال تعالى-: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالآرْضَ} 6.
وقال الشاعر:
وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه واحد
لما كان لا بد من جواب على هذه الحقيقة؛ اضطرب هؤلاء المنكرون لوجود الخالق في أجوبتهم: