السلف، وما ألف على منهج المخالفين لهم، حتى يكون المسلم على بصيرة من أمره، وحتى يستطيع رد الشبه الموجهة إلى عقيدة أهل السنة.
أيها المسلم: إنك حينما تتأمل القرآن الكريم؛ تجد فيه كثيرًا من الآيات والسور تهتم بأمر العقيدة، بل إن السور المكية تكاد تكون مختصة ببيان العقيدة الإسلامية ورد الشبهات الموجهة إليها.
خذ مثلاً سورة الفاتحة:
قال الإمام العلامة ابن القيم - رحمه الله -: "اعلم أن هذه السورة اشتملت على أمهات المطالب العالية أتم اشتمال، وتضمنتها أكمل تضمن؛ فاشتملت على التعريف بالمعبود تبارك وتعالى بثلاثة أسماء، مرجع الأسماء الحسنى والصفات العليا إليها، ومدارها عليها، وهي: (الله) ، و (الرب) ، و (الرحمن) ، وبنيت السورة على الإليهة والربوبية والرحمة: ف {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} مبني على الإلهية، و {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} على الربوبية، وطلب الهداية إلى الصراط المستقيم يتعلق بصفة الرحمة، والحمد يتضمن الأمور الثلاثة؛ فهو المحمود في إلهيته وربوبيته ورحمته، والثناء والحمد كمالان لجده، وتضمنت إثبات المعاد، وجزاء العباد بأعمالهم حسنها وسيئها، وتفرد الرب تعالى بالحكم، إذ ذاك بين الخلائق، وكون حكمه بالعدل، كل هذا تحت قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، وتضمنت إثبات النبوات من جهات عديدة ... " ثم بينها رحمة الله بكلام مطول مفيد.
إلى أن قال: "فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم؛ ف {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} توحيد، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} توحيد، {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} توحيد