دخلت إليه رأى معي المحبرة، فقال لي: تكتب الحديث؟ فقلت: نعم. قال: وتمضي إلى ابن أبي داود وتسمع منه؟ قلت: نعم، قال: هب أنك أبو داود السجستاني وكتبت ما كتب، وجمعت ما جمع، وعشت كما عاش وصارت الرحلة إليك كما الرحلة إلى أبي داود، لا ينفعك شيءٌ من ذلك أو تعمل به. قال أبو بكر بن داسة: فجرح قلبي كلام الشيخ وتألم سري فجئت أبا داود وأنا منكسر، فقال: مالك؟ فقلت له: آذى سري هذا الأعجمي، أعني سهلاً، وذكرت ما جرى لي معه. فقال أبو داود: قم بنا إليه. فجاء معي، فلما رآه سهلٌ، قام له قائماً، وكان سهلٌ لا يقوم لأحد، وقبله وأجلسه إلى جنبه وتخلى له من بعض مقعده، وتذاكرا، فقال له أبو داود فيما جرى بينهما: حديثٌ كتبته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعياني. فقال له سهل: ما هو؟ فقال له أبو داود: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل مولودٍ يولد على فطرة الإسلام، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه)) . فقال له سهلٌ: نعم، معنى قوله: ((كل مولود يولد على فطرة الإسلام)) يعني: على خلقة الإسلام، ومعنى قوله: ((فأبواه يهودانه)) يعني يحسنان له اليهودية والنصرانية والمجوسية، ويحملانه إلى بيوت