1247- قال [أبو سعدٍ] المتولي: لو سلَّم على صبيّ لا يجب عليه الجوابُ؛ لأن الصبيّ ليس من أهل الفرض، وهذا الذي قالهُ صحيحُ، لكن الأدب والمستحبّ له الجواب.
قال القاضي حسين وصاحبه المتولّي: ولو سلَّم الصبي على بالغ، فهل يجب على البالغ الرد؟ فيه وجهان ينبنيان على صحة إسلامه، إن قلنا: يصحّ إسلامهُ، كان سلامهُ كسلام البالغ؛ فيجبُ جوابهُ. وإن قُلنا: لا يصحّ إسلامهُ، لم يجب ردّ السلامِ لكن يُستحبّ.
قلت: الصحيحُ من الوجهين وجوب ردّ السلام لقول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] ؛ وأما قولهما: إنه مبنيّ على إسلامه، فقال الشاشي: هذا بناءٌ فاسدٌ؛ وهو كما قال؛ والله أعلمُ.
ولو سلم بالغٌ على جماعةٍ فيهم صبيّ، فردّ الصبيّ ولم يردّ منهم غيرهُ، فهل يسقطُ عنهم؟ فيه وجهانِ: أصحُّهما -وبه قال القاضي حسينُ، وصحابه المتولي- لا يسقط؛ لأنه ليس أهلاً للفرض، والردّ فرضٌ، فلم يسقط به، كما لا يسقطُ به الفرضُ في الصلاةِ على الجنازة، والثاني -وهو قول أبي بكر الشاشي صاحب "المستظهري" من أصحابنا- أنه يسقط، كما يصحّ أذانه للرجال، ويسقط عنهم طلبُ الأذان.
قلتُ: وأما الصلاةُ على الجنازةِ فقد اختلفَ أصحابُنا في سقوطِ فرضها بصلاةِ الصبيّ على وجهينِ مشهورين: الصحيحُ منهُما عندَ الأصحابِ أنهُ يسقطُ، ونصَّ عليهِ الشافعيُ؛ واللهُ أعلمُ.