872- قلتُ: قال العلماءُ: يَحرم سبُّ الميت المسلمَ الذي ليس معلناً بفسقه. وأما الكافرُ، والمُعلِنُ بفسقه من المسلمين، ففيه خلاف للسلف، وجاءت فيه نصوص متقابلة، وحاصلُه أنه ثبت في النهي عن سبّ الأموات ما ذكرناهُ في هذا الباب.
وجاء في الترخيص في سبّ الأشرار أشياء كثيرةٌ، منها: ما قصَّه الله تعالى علينا في كتابه العزيز، وأمرنا بتلاوته وإشاعة قراءته؛ ومنها: أحاديثُ كثيرة في الصحيح، كالحديث الذي ذكر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمروَ بن لحيّ [البخاري، رقم: 4624؛ مسلم، رقم: 2856] وقصة أبي رِغال، [أبو داود، رقم: 3088، وراجع رقم: 1528 التالي] والذي كان يسرقُ الحاجَّ بمحجنه1، وقصة ابن جُدْعان [مسلم، رقم: 214] وغيرهم، ومنها الحديث الصحيح الذي قدّمناه [رقم: 868] لَمَّا مرّت جنازة فأثنوا عليها شرّاً، فلم ينكر عليهم النبيّ صلى الله عليه وسلم، بل قال: "وجبتْ".
واختلف العلماءُ في الجمع بين هذه النصوص على أقوال: أصحُّها وأظهرُها أن أمواتَ الكفاء يجوز ذكر مساويهم؛ وأما أمواتُ المسلمين المعلنين بفسق، أو بدعةٍ، أو نحوهما، فيجوز ذكرُهم بذلك إذا كان فيه مصلحة لحاجة إليه للتحذير من حالهم، والتنفيذ من قبول ما قالوه، والاقتداء بهم فيما فعلوه، وإن لم تكن حاجةٌ لم يجزْ؛ وعلى هذا التفصيل تُنَزَّلُ هذه النصوص، وقد أجمعَ العلماءُ على جرح المجروح من الرواة، والله أعلمُ.