والأحاديث بنحو ما ذكرته كثيرة مشهورة.
773- وأما الأحاديث الصحيحة أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، فليست على ظاهرها وإطلاقها، بل هي مُئَوَّلَةٌ. واختلف العلماء في تأويلها على أقوال: أظهرها -والله أعلم- أنها محمولة على أن يكون له سبب في البكاء، إما بأن يكون أوصاهم به، أو غير ذلك، وقد جمعت كل ذلك، أو معظمه في كتاب الجنائز من "شرح المهذب" [6/ 277] ؛ والله أعلمُ.
774- قال أصحابنا: ويجوز البكاء قبل الموت، وبعده، ولكن قبله أولى للحديث الصحيح: "فإذَا وَجَبَتْ فلا تَبكِيَنَّ باكية" [مالك رقم، 552؛ أبو داود، رقم: 3111؛ النسائي، رقم: 1846؛ ابن ماجه، رقم: 2803] وقد نصّ الشافعي -رحمه الله- والأصحاب على أنه يُكره البكاءُ بعد الموت كراهة تنزيه، ولا يحزمُ، وتأوّلوا حديث: "فَلاَ تَبْكينَّ بَاكِيَةٌ" على الكراهة [انظر الأم 1/ 279، 280] .