هذا، وقد اصطلح أهل العلم على تسمية الرسالات السماوية بالملل، وتسمية الأديان الوضعية التي هي من صنع البشر بالنحل، وفي ذلك نقرأ كتاب (الملل والنحل) للشهرستاني، أو (الفصل بين الملل والأهواء والنحل) لابن حزم وغيرهما.

ومن أجل هذا فرقوا بين الكلمتين بفروق تُبين المعنى المراد، وإن كان الأمر كما علمت أن كلمة ملة تُطلق على الدين الصحيح والمحرف والباطل أيضًا، لكن من حيث الاصطلاح يمكن أن نقول: "الملة من عند الله، والنحلة من عند البشر، أو هكذا اصطلح عليها العلماء، ولكن هذا لا يرد ورود الملة بمعنى الدين الصحيح، والدين المحرف، ونذكر فروقًا بين الملة والنحلة، لقد اصطلح على تسمية الدين الذي جاء به رسل الله من عند الله -عز وجل- بالملة. والدين الباطل الذي اخترعه الناس إما إنشاء من عند أنفسهم أو تحريفًا وتغييرًا لما أنزل الله بالنحلة، وعلى هذا، فإن الملة تقابل النحلة في أمور:

- الملة من عند الله لقول الله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} (طه: 123) والنحلة من عند البشر.

- فارق ثانٍ الملة وحي الله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} (النساء: 163)، والنحلة نتاج أفكار البشر واجتهادات عقولهم.

الثالث: الملة مرتبطة برسول الله {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} (النساء: 165)، والنحلة تنسب إلى أشخاص يخطئون ويصيبون مهما بلغوا من المعرفة.

الرابع: الملة لها كتاب أنزله الله على رسوله {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} (البقرة: 213).

والنحلة وإن سطرت في كتاب، فإنه كتاب أرضي لا كمال فيه، ولا قداسة له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015