الموت بالضرورة، فإن كان عمله خيرًا نالت روحه الخير وإن كان عمله شرًّا جوزيت روحه بالشر، وذلك يتحقق بالتناسخ لأن الإنسان الذي يعمل خيرًا تنتقل روحه إلى جسد صالح، طاهر أرقى من الجسد السابق، وهي بذلك تسعد، أما الإنسان السيئ، فإن روحه تجازى بأن تنتقل إلى جسد ناقص شقي تشقى فيه وهكذا تجازى الروح.

إن الهنود لا يشكون في أن الأفعال التي يقوم بها الإنسان بإرادته، فتحسن إلى الآخرين أو تسيء إليهم، لا بد أن يكافأ عليها ذات يوم أو يعاقب، وكل من يفلت من هذه الحياة يجنيه في حياة أخرى؛ لأنه لا يموت موتًا كاملًا. إن نفس كل كائن وشخصيته لا يمكن أن تصير إلى فناء. إن النظر في تفاوت الظروف في الحياة الدنيا يؤدي حتمًا إلى التسليم بأنه كان ثمة حياة سابقة.

وكذلك يتحتم أن يكون الموت مفضيًا إلى حياة جديدة، تنال فيها النفس جزاء ما قدمت في الحياة التي انقضت، ولكن إلى متى يستمر التناسخ؟ هو مستمر إلى أن تصل الروح إلى الخير التام، وتندمج في الإله برهمة، ووصولها إلى الخير التام ليس بالأمر المستحيل؛ لأن الروح تستمر في التجوال صعودًا وهبوطًا حتى تتمكن من قهر الشهوات والرغبات الدنيا، والوصول إلى نهاية سلم الطهر، وتتقمص جسدًا راقيًا نظيفًا، وبعده تستقر في الخير الأعلى، وبذلك يتحقق الهدف الأقصى للروح فتثبت وتعيش في سعادة دائمة وغامرة.

ويلاحظ هنا أن الهنود يفصلون الجسد عن الروح ويجعلون كلًّا منهما مستقلًا عن الآخر، وفي نفس الوقت يُحملون كلًّا منهما ما يرتكبه الآخر من أوزار، فالروح تتقمص جسدًا تشقيه إذا ارتكب إثمًا، والجسد إذا أثم يجعل الروح آثمة معه، وهم بذلك يترددون بين مذهب الجبر ومذهب الاختيار، وفي إطار الإيمان بتناسخ الأرواح يظهر لنا إيمان الهنود بأمور ثلاثة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015