نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} (الشورى:51: 53).
فكل دين ليس له، أو فيه مصدر الألوهية، فليس من الجيد أن يُسمى دينًا صحيحًا، فإذا أخذ الدين عن طريق الفكر الفلسفي المحض، أو له مزيج من الدين الذي لا يمكن أن يجد له نصًّا معصومًا، وإذا فقد الدين الوحي أو النبوة مثل نحلة المسيحية، فليست دينًا صحيحًا؛ لأن قولهم إن عيسى ابن الله ينفي عنه النبوة، وبانتفاء النبوة ينتفي عنصر من عناصر الدين الصحيح، فلا تبقى المسيحية متصفة بأنها دين من عند الله تعالى، وهكذا، فكل دين لا يشتمل على العناصر الأربعة المذكورة فقد انخرم فيه خرم، ينفي عنه صفة الدين الحق الذي هو من عند الله تعالى.
هذا، وإن كان القرآن قد استعمل لفظ الدين بمعناه الشامل الذي تندرج فيه نحل ومعتقدات المشركين، كما في قوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} (الكافرون: 6) فإن القرآن قرر في أمر الدين أصولًا جعلت للدين معنى شرعًا خاصًّا، فالدين لا يكون إلا وحيًّا من الله إلى أنبيائه الذين يختارهم من عباده، ويرسلهم أئمة يهدون بأمر الله، فالدين الإلهي نظام كامل شامل يشمل الفرد والأسرة، والمجتمع، والدولة، وليس فقط طقوسًا دينية، ولا كهنوتية وجدانية، بل هو نظم كاملة للروح والجسد، والدنيا والآخرة معًا، ومن فسر الدين بغير هذا فهو ليس دين الإسلام، ولكنه دينه هو، وبذلك تفترق صفات الدين الحق الذي هو دين الله عن صفات دين الشرك والأصنام والأهواء، ونحن قد رضينا بالله تعالى ربًّا وبالإسلام دينًا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًّا ورسولًا.