النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} (التوبة: 30) وفي قوله تعالى أيضًا: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة: 62).
إذن الناصرة هي النسبة التي منها كلمة نصرانية، وليست دينًا منزلًا من السماء؛ كما أن هؤلاء القوم عرفوا أيضًا بالمسيحيين والديانة عرفت بالمسيحية:
والمسيحية نسبة إلى المسيح -عليه السلام- والمسيح -عليه السلام- سمي بهذا الاسم الذي معناه الصديق، وقال بعض أهل اللغة: لا يعرف هذا؛ ولعله كان يستعمل في بعض الأزمان، فدرس فيما درس من الكلام، وقد درس من كلام العرب كثير.
قال ابن سيده: والمسيح عيسى ابن مريم -على نبينا وعليه الصلاة والسلام- سمي بذلك لصدقه؛ وقيل: سمي بذلك لأنه كان سائحًا في الأرض لا يستقر. وقيل: سمي بذلك؛ لأنه كان يمسح بيده على العليل والأكمه والأبرص فيبرئه الله، أو لأنه مسح بالبركة، وقيل: سمي مسيحًا؛ لأنه كان يمسح الأرض، أي يقطعها؛ أو لأنه كان أمسح الرِّجل؛ ليس لرجله أخمص، قيل: سمي مسيحًا لأنه خرج من بطن أمه مسموحًا بالدهن، والله تعالى أعلم بذلك؛ لكنه يسمى بالمسيح، وقد قال تعالى مبشرًا مريم -رضي الله عنها-: {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} (آل عمران: 45).
وقيل: سمى الله ابتداء أمره كلمة؛ لأنه ألقى إليها الكلمة، ثم كون الكلمة بشرًا، ومعنى الكلمة معنى الولد والمعنى يبشرك بولد اسمه المسيح.
والمسيح عيسى ابن مريم يختلف عن المسيح الدجال الذي سمي بذلك؛ لأن عينه ممسوحة عن أن يبصر بها؛ فهما ضدان: مسيح الهداية عيسى ابن مريم -عليه السلام- ومسيح الضلالة المسيح الدجال -عليه لعنة الله- فإذا ذكرت كلمة المسيحية أو