فأي إيمان هذا؟ إنه الكفر؛ لأن الكفر بكتاب كالكفر بسائر الكتب، وقد كفروا بالكتب التي لم تنزل على أنبيائهم، أما الكتب التي أنزلت على أنبيائهم؛ فقد حرفوها وزيفوها، وكتموا الكثير منها، فهذا عن عقيدة اليهود في الإيمان بالكتب، الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، ماذا يقال عن الإيمان بالرسل في عقيدة اليهود -عليهم لعنة الله والملائكة، والناس أجمعين؟

إنه الكفر برسل الله، والوقاحة الدائمة مع رسل الله، واتهام رسل الله، وتقتيل رسل الله، إنهم كما قال الله: {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ} (المائدة: 70) تأمل فريقًا كذبوا وفريقًا يقتلون كما قال الله عنهم: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} (البقرة: 87).

ويلاحظ هنا استعمال أداة العموم، والتكرار كلما تعبيرًا عن اطراد اليهود على التكذيب، أو القتل للرسل إذا جاءهم بما لا تهوى أنفسهم الضالة فكم من رسل قتلوهم، وكم من رسل كذبوهم، وكم من رسل شنعوا عليهم واتهموهم، وهذا سيدنا عيسى -عليه السلام- نال منهم حظًّا وافرًا حين اتهموه -عليه السلام- بأنه ابن زنا -والعياذ بالله- اتهموه مع أمه اتهموا مريم الطاهرة البتول بأنها زانية، وأن عيسى -عليه السلام- هو ابن زنا، فنعى الله -عز وجل- عليهم هذا في قوله سبحانه: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} (النساء: 156، 157).

سبحان الله ما هذا الافتراء على الله، وما هذا الكذب على رسل الله، بل قتل الأنبياء ما هذه الاتهامات؟ ما هذه الخسائس، وتلك الشناعات؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015