مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ * وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ * فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} (البقرة: 75 - 79).
أقول: وليس القرآن فقط هو الذي شهد عليهم بتحريفهم لكتبهم بل إن التوراة ذاتها ذكرت هذا التحريف بصريح العبارة في كثير من نصوصها كما أسلفت ذلك عند الكلام عن مصدر اليهود الأول ألا وهو التوراة، وأنها محرفة، ومن بين ما جاء فيها: "ماذا يصنع بي البشر اليوم كله يحرفون كلامي" سفر المزامير إصحاح 56 الفقرة 4، 5 وفيها: "كيف تقولون نحن حكماء، وشريعة الرب معنا حقًّا إنه إلى الكذب حولها قلم الكتبة الكاذب"، سفر إرميا إصحاح 8 الفقرة 8، كذلك.
أما وحي الله فلا تذكروه؛ لأن كلمة كل إنسان تكون وحيه؛ إذ قد حرفتم كلام الإله الحي سفر التثنية إصحاح 31 الفقرة 28 و29 إلى غير ذلك من النصوص التي سبق ذكرها عند الكلام عن تحريف التوراة.
إذن فهم مع الكتب يحرفون الكتب متعمدين هذا التحريف هذا فيما آمنوا به من كتب، ودعواهم الإيمان بما أنزل عليهم فقط كقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (البقرة: 91)، فهنا نجد اليهود فيما آمنوا به من كتب حرَّفوها وزيفوها، وكتموا الكثير منها.
وأما ما لم ينزل عليهم فقد كفروا به، فهم يؤمنون بما أنزل عليهم فقط، ويكفرون بما وراءه؛ ولذلك لما جاء سيدنا عيسى -عليه السلام- كفروا به وبنبوته