وقولهم أيضًا: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء} (المائدة: 64) فهنا مع إيمانهم بإله واحد موصوف بأنه فقير، وبأنه بخيل، وغير ذلك مما وصفوا به الإله الذي عبدوه، ولئن كان هذا بعض ما جاء في القرآن؛ فإن التوراة شاهدة عليهم؛ لأنهم وصفوا الله -جل وعلا- وتعالى عما يقولون علوًّا كبيرًا بأنه يتعب فقالت التوراة عن خلق السماوات والأرض: "فأكملت السماوات والأرض، وكل جندها وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل، فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل، وبارك الله اليوم السابع وقدسه؛ لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقه" سفر التكوين الإصحاح الثاني الفقرة الأولى إلى الثالثة.
ومعنى هذا: أنهم يعتقدون أن الله -عز وجل- يتعب كسائر البشر سبحانه وتعالى عما يقولون علوًّا كبيرًا، وقد بين القرآن الكريم أن الله تعالى خلق السماوات والأرض، وما بينهما دون أن يناله نصب، أو تعب فقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} (ق: 38) أي: ما مسنا من نصب، ولا تعب، فهكذا نجد التوراة المحرفة تصف الله -عز وجل- بالجهل والهذيان.
فتقول التوراة أيضًا حاكية عن آدم وزوجه حواء: وسمعا صوت الرب الإله ماشيًا في الجنة عند هبوب ريح النهار، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة، فنادى الرب الإله آدم، فقال له: أين أنت؟ فقال: سمعت صوتك في الجنة فخشيت؛ لأني عريان، فاختبأت، فقال: من أعلمك أنك عريان هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك ألا تأكل منها، فقال الرب الإله: هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفًا للخير والشر والآن، لعله يمد يده، ويأخذ من شجرة الحياة أيضًا ويأكل ويحيا إلى الأبد، فأخرجه الرب من جنة عدن" سفر التكوين إصحاح 3 الفقرة 8: 23 بتصرف.